غريب في العالمين ,
ترسمني خطواتي , لا آبه ابدا بما بين يدي , فكل همي ماخلفت ورائي , يعتبرني
الكثيرون هامشيا , ان حضرت لم اعد في الحاضرين وان غبت لم افتقد مع الغائبين , في
حين يعتبرني الاخرون رساليا مبدئيا قياديا , رغم اني لم التفت الى ما التفت اليه
اؤلئك المغيبون مثلي , المستضعفون مثلي , الذين تركوا خطواتهم ترسم خريطة وجودهم,
والمسافة بين هؤلاء واؤلئك بعيدة مترامية
, والمفاهيم مختلفة وجسور التفاهم هدتها عبوة الجهل ولم يعد بالامكان العبور حول
الزمان والمكان لتغيير ماخطه الرحمن (واكثرهم للحق كارهون)..
الكثيرون لبسوا جلود
الضأن على قلوب الذئاب , والاكثر منهم اؤلئك الحمقى الذين صدقوهم واتبعوهم وقاتلوا
لاجلهم منخدعين بمظاهر كاذبة , لايبصرون حقيقة الشيطان لانهم تسافلوا حتى صاروا هم
والشياطين (شَيَاطِينَ
الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا.....)(الانعام112) فعميت اعينهم عما يبصره الصالحون الرساليون من حقيقة تلك الذئاب (
كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات ) فالحسين عليه السلام ابصر صورتهم الحقيقية
التي غابت عن كل تلك الجموع المحتشدة ضد الحسين واهل بيته , بيت النبوة , حتى تداخلت الامور على اؤلئك الحمقى فلم
يميزوا بين صلاة عمر بن سعد والشمر وابن زياد وبين إقامة الصلاة من قبل الحسين
عليه السلام ( ان لم يستقم دين محمد الا بقتلي فيا سيوف خذيني ), اؤلئك الحمقى
وهؤلاء الهمج الرعاع لم يفهموا ان استقامة الدين هي اقامة الصلاة وليس الاتيان
بصور الصلاة هي اقامة الصلاة , لم يفهموا ان الركوع والسجود وما كان يؤديه يزيد
ومن قال ( لو شئت لأزيدنكم ) ماهي الى صور خاوية مجردة من الحياة مثل مايؤديه
الكثيرون ممن يتخفون باسم الاسلام بقلوب يهودية , فصار الحسين عليه السلام خارجيا
تكالب على قتله من كان يحتسب على شيعة ابيه فهدموا بذلك بيت الله في ارضه (لم
تسعني سماواتي ولا ارضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ) فوجهوا لذلك القلب , لذلك
العرش الالهي والمسجد الرباني سهم بثلاث شعب , وصار يزيد , امير المؤمنين .
ليس غريبا على امة
تحذو حذو تلك الامة ان تنخدع مرات ومرات بالاسماء والعناوين والوجاهات , ولتصطف في
كل جيل بوجه الحق واهله تقتيلا وتشريدا
وتطريدا وتغييبا, ولتكون هناك بعد كل واعية لاهل الحق (عين الوردة ) تتهاوى فيها
انفس لوامة خذلت الصالحين وتسببت باراقة دمائهم,
ليس غريبا على هؤلاء ان ينخدعوا الاف المرات فيقتلوا الاف
الرسل مثل بني اسرائيل حين كانوا يقتلون الاف الانبياء (لتسلكن
سنن من قبلكم حذو النعل بالنعل )
وليهدموا في كل يوم
مسجدا لله مثلما تكالبوا على مرجعية السيد الصرخي الحسني فأحرقوا مكاتبه وهدموا
مسجد الله في الناصرية وهم يهتفون ويكبرون كما هتف معسكر ابن زياد حين خر الحسين
عليه السلام صريعا من ظهر جواده فاحتوشوه بالسهام والرماح والسيوف والحجارة هاتفين
فرحين ..
ليس غريبا على هؤلاء ان لا يفهموا ان اقامة
الصلاة تعني الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح في الامة ..
ليس غريبا على هؤلاء
ان يعتبروا السيد الصرخي خارجيا , وان حارق كتاب الله وهادم بيت الله في الناصرية
والآمر به هو امير المؤمنين.. (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ
قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ
يُوقِنُونَ )(118)البقرة