Posted on: الثلاثاء، 19 يونيو 2012

{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}

                              
يتوهم الكثيرون ان الايمان بالشئ هو عين المقصود و منتهى الغايات والمطلوب  ونهاية رحلة السالكين ومحطة اطمئنان القاصدين, فيجتهدون على قولبة حياتهم وتحديدها بحدود دائرة الايمان , يدفعهم طمع تحصيل الفلاح من ذلك الايمان ’ ظنا منهم ان الفلاح يتحقق بمجرد الايمان , راغبين عن تكبد عناء معرفة الحقيقة التي ربما ستطيح بكل امالهم وامنياتهم , وهي ان عبدة النار لديهم ايمان بما يعبدون , وكذا عبدة البقر والاصنام وحتى الفئران ,وغيرها , كلهم مؤمنون بما يعبدون , وهل نتوقع منهم ان يعبدوا شيئا لايؤمنون به  !!
المذاهب الاسلامية المتنوعة , كلها لديها من الايمان مايجعل كل منها تظن انها الفرقة الناجية , (ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلهم في النار إلا فرقة واحدة) ..كل هذه الفرق مؤمنة فلماذا لم تفلح ؟؟ لماذا كلها في النار رغم ايمانهم ؟؟
 لأنهم لم يكملوا المشوار..نعم هكذا ببساطة , انهم توقفوا عند حدود الايمان ولم يراعوا مابعد الايمان , لم يلاحظوا ان سورة (المؤمنون ) لم تجعل الفلاح عاما لكل المؤمنين انما تدرجت بالتخصيص , خارجة من الاطار النظري الى الاطار العملي الواقعي للحياة من حيث ان الدنيا عمل وتعامل , فبينت ان الفلاح لأصناف خاصة من المؤمنين وليس كل المؤمنين , { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ},يعني لابد ان يصحب الايمان الصلاة , والصلاة لاتحقق الفلاح مالم يتحقق فيها الخشوع (ايمان – صلاة – خشوع) ثم ماذا ؟؟{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)} وشيئا فشيئا تتضائل اهمية الايمان وترتفع قيمة العمل (ايمان –صلاة –خشوع-اعراض عن اللغو-فعل الزكاة- حفظ الفروج) ويستمر التدرج الصعودي لقيمة العمل لتتحقق فعلية الفلاح وكأن كل ماذكر لم يكن كافيا في تحصيل الفلاح ( فأين نحن من ذلك ؟؟)
الخشوع في الصلاة يحتاج الى المحافظة عليه وذلك من خلال المحافظة على مقدمات تحصيل الخشوع , والهرب من مقدمات اللهو والجحود, واهم مقدمات التحصيل هو رعاية الامانة والعهود { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)}
نعم بعد تحقق كل تلك الصفات العملية للمؤمن عند ذلك سيكون من مصاديق { وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }(5) القصص
والعالم العربي والعراقي خصوصا يعيش وهم تلك الوراثة من خلال ركوب موجة التخندق الاسلامي والمذهبي في محاولة لاقناع الجمهور بان دولتهم التي تحققت هي دولة المستضعفين في الارض الذين من الله عليهم وجعلهم ائمة وجعلهم وارثين , وانهم اهل الفلاح والصلاح وانه لايجوز الخروج عليهم وإن ظلموا وجاروا , مستمدين ذلك من اهمية المحافظة على (المنجزات المذهبية الطائفية !!) وقد نصبوا انفسهم ولاة على الناس ,وصدق الناس كذبتهم فصاروا احزابا متصارعين يقتل بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا , جاعلين ولاءهم لزعماءهم ولاءا لله , فاسرفوا في الغي والعدوان وجعلوا انفسهم مطية الحكام الذين أستخفوا بشعوبهم فأطاعوهم (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ)54 (الزخرف) , وصار أولئك الناس ادوات الظالمين فقتلوا الصالحين والمرسلين واحرقوا بيوت الله وهدموها وهم يعيشون وهم الايمان المفتقر الى العمل الصالح{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)} الكهف
وتحول المجتمع في الاعم الاغلب (الا مارحم ربي) الى مجتمع فرعوني وهو يحسب انه مجتمعا رساليا صالحا فتكالب بعضه على بعض وصار بغض السني من ايمان الشيعي , وبغض الشيعي من ايمان السني , ومن يقف ضد التدخل الايراني ناصبيا , ومن يقف ضد التدخل العربي فارسيا , وبين هذا وذاك ضاعت الهوية العربية واضمحل الولاء للوطن , بل وحتى داخل المذهب الواحد صار اتباع المرجع الفلاني يكفرون اتباع المرجع الاخر , ولعل اوضح مثال لذلك هو الموجة الاعلامية الموجهة ضد مرجعية السيد محمد صادق الصدر عندما تصدى للمرجعية وصلى الجمعة الى درجة ان البعض ممن انتحل العلم كان يجيب حين يسأل بان صلاة الجمعة فتنة وان السيد الصدر مرجع بغداد ووو...الى ان قتل السيد الصدر فتباكى عليه القاتلون , وليس بعيدا ما تتعرض له مرجعية السيد الصرخي من محاربة وتكفير وتقتيل وحرق مكاتب وتهديم مساجد بسبب مواقفه التي لايشك احد بوطنيتها وثبات مبدئيتها , وكل ذلك يحدث داخل مجتمع ومن مجتمع يظن انه قد افلح حين توقف عند حدود ايمانه ولم يأت بعمل صالح يرفع به ايمانه (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (10 )فاطر
{وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى }(79) طه

http://www.al-hasany.com/vb/showthread.php?t=312137




0 التعليقات:

إرسال تعليق