Posted on: الجمعة، 8 يونيو 2012

رسالة سجين

                   

الى صديقي:
     ابعث عبر الاحلام والامال والامنيات رسالتي اليك راجيا عذرك اذ لا املك قلما ولا ورقة اكتب اليك فيها ولا يوجد في طامورتي مصباح لأرى ماحولي , ولا تصل خيوط الشمس الى خرم الباب الفولاذي ,  فحدود مملكة الشمس تنتهي خارج اسوار هذا القبر , لتنعموا ياصديقي انت وكل الاصدقاء  الطيبون بضوئها ودفئها وتتمتعون بانعكاس أشعتها على اخضرار الأرض ووجه الماء.. انا يا صديقي أعيش في ظلام ..
المكان هنا بارد رطب كئيب , اعتدت هذه السنين ان اقضي حاجتي حيث اكون , فلم اعد اهتم بنوع الرطوبة التي أكلت عظامي وفككت مفاصلي , وحين يزداد توجعي اجد صوركم حاضرة في ذهني , حين كان للحرية طعم , رغم إنا لم نعرف قيمتها آنذاك ..
صور اطفالي تؤجج في قلبي نارا لا تخمدها كل دموعي فيضيق بي المكان واشعر بالاختناق فاستغيث صارخا وانادي باسماء اطفالي واحدا تلو الاخر فلا صوت ولا صدى , حتى يعييني التعب والالم فأجلس واضعا يدي على رأسي أرنو بأحلامي نحوكم ,لعلكم تخترقون وحدتي وتفتحون لي نافذة ارى من خلالها ضوء الشمس لأرسم على خيوطها وجه أمي وهي تبحث عني من مكان الى مكان بعد أن ضيعني الزمان والمكان , وعيناها مغرورقتان بالدموع , تتعثر بأحزانها واوجاعها ..
.........أه كم أشتاق لأمي !!!
هل تعلم يا صديقي انهم تاجروا بلحمي وأمتصوا دمي وانتهكوا كرامتي , وهل تعلم اني منذ ثلاثة اعوام بلا  دثار ولا ثياب ؟؟
في شهر آذار  كنت اتوسط اطفالي نشاهد جميعا مسلسل (بغداد والسلام )اذ تزامن مع صوت قصف بغداد المدوي في المسلسل, ركلة قوية قلعت باب بيتي , لم نشعر الا والجيش والشرطة يملئان المكان , ضربونا , ركلونا , شتمونا , لم يحترموا شيبة أمي العجوز حين اسقطوها ارضا , ومع الركل والضرب على وجهي  ,عصبوا عيني بشماغ والدي وصفدوا يدي خلف ظهري , وكانت تلك اخر مرة ارى فيها النور ..
هل تعلم ياصديقي ماهي جريمتي ؟؟
جريمتي اني في العراق بلا جريمة , جريمتي أن لي ربا يوجب علي عبادته والسعي في سبل طاعته  , فاطعت ما أمرني وصليت جمعة أمام مسجد سلبته الحكومة  , فصار مسجدي ركاما وانقاض, وصرت انا الى ماصرت اليه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق